السبت, 20-ابريل 2024- الساعة 02:26 ص - آخر تحديث: 09:47 م (18:47) بتوقيت غرينيتش

محمد سالم بارمادة

مأرب ترفض الجاهلية الأولى

محمد سالم بارمادة

سيبقى اليمن بعمقه العربي

محمد سالم بارمادة

أتعرفون ماذا تعني المواطنة ؟

ياسين سعيد نعمان

وطن النجوم.. وجورج قرداحي
في ربوع السعيدة
حجة .. قمم تعانق السَحاب

تنمو مثل طفلٍ عنيد.. إنها أشبه بالمعجزة التي شقت مياهها فوق صفحتها قنواتٍ عديدةٍ من التحولات التأريخية عبر الزمن..تغالب الطبيعة في منظرها وسِحرها، لتشكل مزيجاً متنوعاً ومتكاملاً من عوامل الجذب السياحي.
جميلةٌ ونادرة.. والطريق إليها يمثل ذاكرةً جديدةً لقوى الطبيعة المتقهقِرة أمام عظمتها منذ قديم الأزل، تلمس ذلك قبل أن يأسرك منظر الشمس وهي ترحل مبتعدةً خلف حشود القمم الجبلية الشاهقة، وقد تناثرت عليها تلك القرى المعلقة في تناغمٍ عجيبٍ معانقةً تلك السماء الزرقاء.. لتعزف على مسامعنا سمفونية السِّحر والجمال.إنها حَجَّة إذاً … وهي تتوارى في ثنايا الضباب، لتدهشك بخصوبة الحياة فيها، ومعالمها المتمترسة فوق التلال وقمم الجبال، وآفاقها الخضراء الممتدة، وصلابة جبالها، وإرثها التقليدي المتجذر، وثقافة أهلها ولين أفئدتهم، فهم أهل علمٍ وشعرٍ وأدب ووفاء وتراحم … إنها تفاصيل عميقةً لعالم أوسع … يدرك الزائر كما لو أنه اكتشف معجزة الحياة.
تعود تسميتها إلى «حُجَّة بن أسلَم بن علي بن زيد بن جَشم بن حاشِد»، وهناك قولٌ أخرٌ بأنها ” بطنٌ من بطون “حَجور بن أسلَم” وكل بلاد حَجَّة من حَجور” ، واستناداً إلى علم الأنساب ومعجم القبائل اليمنية فإن أغلب القبائل المتواجدة في حَجَّة هَمدانيةٌ تنتسب لبطون حاشِد وبَكيل وقبائل أشعريةٍ وأزديةٍ من تِهامَة.
وتقع محافظة حَجَّة شمال غرب اليمن، وتبعد عن العاصمة صَنعاء حوالي 123 كيلو متراً، كما تُعد ثاني أكبر محافظات الجمهورية في المساحة، حيث تبلغ مساحتها حوالي 8228 كيلومتر مربع. وتحتل محافظة حَجَّة المرتبة الخامسة ضمن محافظات الجمهورية من حيث عدد السكان، إذ بلغ عددهم حوالي 1.479.568 ، بحسب التعداد السكاني لعام 2004م مع نسبة نموٍ بواقع 3.04% عن كل عام.
تشترك محافظة حَجَّة في حدودها من الشمال بمحافظة صَعدَة والمملكة العربية السعودية، ومن الشَّرق بمحافظة عَمْران، بينما يحدها من الجنوب محافظتي المَحويت والحُدَيْدَة، أما من الغرب فيحدها البحر الأحمر وجزءٌ من محافظة الحُدَيْدَة. ويبلغ عدد مديريات محافظة حَجَّة 31 مديرية بما في ذلك مدينة حَجَّة وهي المركز الإداري للمحافظة والتي تقع على قمة جبلٍ بارتفاع 1900 مترٍ فوق مستوى سطح البحر.
تنقسم محافظة حَجَّة إلى قسمين رئيسيين وهما المناطق الجبلية والمناطق التهامية، وتتوزع تضاريسها ما بين سلاسل المرتفعات الجبلية والهضاب ومنطقة السهول الساحلية.
وتتميز محافظة حَجَّة بوجود العديد من السلاسل الجبلية الشاهقة الممتدة من الشمال إلى الجنوب، والتي يتراوح إرتفاعها ما بين 2700 إلى 3000 متر فوق مستوى سطح البحر، ومنها سلاسل جبال الشَرفين، حَجور، كُحلان، قَيدان، مَسوَر حَجَّة، وَشحَة، قَارَة، كُشَر، قفل شَمْر والشراقي. ومن أشهر جبالها جبل كُحْلان في مديرية كُحْلان، جبل حَرام، جبل القَرعَة في مديرية المُفتاح، جبل القاهرة في مديرية المَحابِشة، جبل الشَّاهِل .. وجبال مَبيَن وجبل قُدَم بن قَادم … وغيرها العديد.
وتنبع من هذه المرتفعات الشاهقة عددٌ من الأودية الكبيرة من أهمها وادي لاعَة، والذي يمر بكل من مديريات بني قَيس، الشَغادِرَة، نَجْرَة ، حَجَّة، شَرِس ومديرية وَضْرَة. ويلتقي هذا الوادي بوادي مُور أكبر وأهم أودية المحافظة وذلك بمنطقة حَجُور والواقع ضمن نطاق مديرية كُعَيْدنَة. وادي حَيران بمديرية أسلَم، وادي الجمعة بمديرية بني العوام التي يوجد بها العديد من شلاَّلات المياة الطبيعية. وهناك أيضاً وادي الكاذية بمديرية خَيران المُحَرَّق، وادي الجَوبَح ووادي السِّنان بمديرية قفل شَمْر، وادي إبن عبدالله بمديرية وَشْحَة … بالإضافة إلى أودية عاهِم، خَولان بني عامِر، وادي طِهِنَّة بمديرية المفتاح. أضف إلى ذلك وادي شَرِس حيث يوجد شلاَّلات مَهرَب وعين علي التي تغذي مدينة حَجَّة بما تحتاج اليه من مياه الشرب.
أما منطقة السهول الساحلية الواسعة، فتبدأ من مديرية بني قَيس حيث مصب وادي لاعَة، وتمتد منها شمالاً إلى مديريتي عبس وحرض مواصلةً إمتدادها إلى مديرية مِيدي غرباً على ساحل البحر الأحمر. وتمتد تدريجياً إلى الشرق من بني قَيس حتى تتصل بسلسلة هضاب حَجُور الشهيرة.
وينقسم المناخ في محافظة حَجَّة إلى قسمين رئيسيين هما المعتدل صيفاً والبارد شتاءً على المناطق الجبلية والهضاب، والحار الرطب صيفاً والمعتدل شتاءاً “المداري” في مناطق السهول الساحلية. وتسقط الأمطار على محافظة حَجَّة في فصلي الصيف والشتاء، حيث تنهمرعلى المرتفعات الجبلية الشرقية في فصل الصيف بغزارةٍ وتقل نسبتها أثناء فصل الشتاء، كما تشهد مناطق الهضاب والسهول الساحلية الغربية أمطاراً صيفيةً ولكن بمعدلٍ أقل من مما هو عليه في المرتفعات الجبلية.
ونظراً لتعدد مصادر المياه في محافظة حَجَّة، فقد أصبحت الزراعة هي النشاط الرئيس للسكان، إذ تنتج المحافظة ما نسبته 4.6% من إجمالي إنتاج المحاصيل الزراعية في الجمهورية. وأهم محاصيلها الزراعية الفواكه ومنها المانجو والموز والعنب، الجوز اللوز والخضروات بمختلف أنواعها والبقوليات والحبوب مثل السِمسِم، الذرة البيضاء والصفراء، الشعير والدُخْن، بالإضافة إلى المحاصيل النقدية والأعلاف وبعض النباتات العِطرية وأهمها الكَاذي. كما يزرع أيضاً البُن والتِبْغ والقُطن بكمياتٍ محدودة. وتقدرالمساحة الزراعية في محافظة حَجَّة بحوالي 136815 هِكتار.
وتأتي حرفة الرعي في المرتبة الثانية بعد الزراعة، حيث تُربى – في كافة مديريات المحافظة – مختلف أنواع المواشي مثل الضأن والماعز والأبقار والإبل، ويتركز ذلك بشكل أكبر في مناطق السهول الساحلية والهضاب بالإضافة إلى تربية النحل، حيث تكثر اشجار السدِّر والظِبَة والسُّمُر والظَهي. وتشتهر محافظة حَجَّة بأنتاج أفضل أنواع العسل اليمني وهو السِّدر أو كما يطلق عليه العِلب.
ويعمل معظم سكان المناطق الساحلية في صيد الأسماك لوجود العديد من مناطق الإصطياد حيث تمتد سواحل محافظة حَجَّة حوالي 62 كلم على البحر الأحمر. ويبدأ الشريط الساحلي من مديرية مِيدي في الشمال ويمتد بمحاذاة مديرية عَبْس إلى أن يلتقي جنوباً بمنطقة الحدود مع محافظة الحُدَيْدَة.
كما تشتهر بعض مديريات حَجَّة بعددٍ من الصناعات الحرفية التقليدية، من أهمها صناعة الأواني الحجرية المختلفة كالحَرَض والمباخر في مديريتي وَشْحَة وقَارَة، صناعة الكوافي الخيزران من ألياف النخيل في مديرية أسلَم، صناعة الأواني الفُخارية في مديريات مُستباء وكُحْلان عَفًّار وكُعَيْدنَة، الحياكة والصناعات الخزفية من سَعَف النخيل (الطَفي) مثل الظُلل والأغطية الخزفية، والمكانس والحبال في مديريات أسلَم وكُعَيْدنَة وبني قَيس، المشغولات اليدوية مثل الحُلي الفضية والجَنابي في مديريتي قَارَة ومُستباء.
وتزخر محافظة حَجَّة بالعديد من المعادن كالنحاس، والنَيكل، والكوبِلت، والجرانيت، والرُّخام، والفِلِسبار، والكوارتز ولا سيما في مديريتي أفلَح الشَّام والمَغرَبة. كما تم إكتشاف عدة مناجم للذهب في شمال شرق مدينة حَجَّة، ومديرية المَغربة بوادي (قَطابَة)، ومديرية أفلَح الشَّام بمنطقة (الحَارقة)، حيث بدأت إحدى الشركات الكندية بأعمال الحفر والتنقيب عن الذهب والمعادن الأخرى في هذه المناطق في عام 1997م، والتي أفاد رئيسها بأن هناك مؤشراتٌ بوجود مخزونٍ إستراتيجي ضخم من الذهب في المحافظة يقدر بملايين الأطنان.
كما تعمل شريحةٌ كبيرةٌ من سكان المحافظة في مهنة التجارة التي تشهد نشاطاً تجارياً كبيراً نظراً لوقوعها على المنطقة الحدودية مع المملكة العربية السعودية. وتوجد بمحافظة حَجَّة العديد من الأسواق الشعبية الأسبوعية، التي تُعرض فيها منتجات الصناعة الوطنية من زراعية ومصنوعات حرفية ومشغولات يدوية، بالإضافة إلى العديد من السِّلع الأجنبية. ففي يوم السبت ينعقد سوق شَرفْة بمديرية كُعَيْدنَة، ويوم الأحد سوق الوادي بمديرية شَرِس، سوق مديرية بَكيل المِير وسوق المِخلاف بمديرية قفل شَمْر. ونجد في يوم الإثنين كلاً من سوق مديرية كُحْلان عَفَّار وسوق عاهِم بمديرية عَبْس. بينما ينعقد سوق مديرية حرَضَ وسوق شَمْر بمديرية قفل شَمْر في يوم الثلاثاء. أما يوم الأربعاء فنجد سوق مديرية مَبيَن، سوق الرَّيغَة بمديرية بني قَيس. كما ينعقد سوق الخميس في منطقة خميس بني الهَيج بمديرية عَبْس وذلك في يوم الخميس. أما يوم الجمعة فنجد سوقي الجمعة بمديرية بني قَيس وسوق مديرية كُحْلان عَفَّار.
ويوجد في محافظة حَجَّة العديد من السمات والمقومات السياحية التي جعلت منها محافظةً سياحيةً من الدرجة الأولى، وتتمثل في تلك الحصون والقلاع التاريخية الأثرية القديمة ذات النمط المعماري المتميز، ناهيك عن الغطاء النباتي والحيواني المتنوع، بالإضافة إلى الأودية والشلاَّلات وينابيع المياه الكبريتية الحارة والحمامات العلاجية الطبيعية. أضف إلى ذلك السَّلاسل الجبلية والقرى المعلقة على قممها الشاهقة وما تحويه من جُروفٍ (كهوف)، ناهيك عن ما تتمتع به من شواطيء خلابةٍ وجُزرٍ ساحرة.
إن ما تتمتع به محافظة حَجَّة من غطاءٍ نباتي وحيواني فريد، جعل منها مقصداً هاماً من مقاصد السياحة البيئية، حيث تجد الأودية والشلالات ومصبات السيول أكثر كثافة بالغطاء النباتي على مدار العام، ويقل ذلك في الأجزاء الغربية التي تكثر فيها النباتات والأعشاب الموسمية فقط عند سقوط الأمطار. وهناك غاباتٌ متعددة مثل غابة جبل ثُمام بمديرية كُشَر و غابة شَمْر في مديرية قفل شَمْر، وبعض الأجزاء من مديريات خَيران المُحرَّق وأسلَم والجَميمة وشَرِس ومنطقة السوائل بمديرية حَجَّة ووادي لاعَة ومديرية بني العَوَّام . كما تتناثر بها العديد من الغابات الحَرَجِيَة عند مصبات المياه وفي بطون الأودية، حيث تتواجد بكثرة أنواعٌ نادرةٌ من الأشجار بالاضافة إلى الأشجار المُعمِّرة مثل السِّدر، الطُنُب، السَّلام، الظَهْي، الطَلح، السُّمُر، الأثاب، الأراك، الحُمُر، التين الشوكي، العَسَق والأثل. وهناك كثافةٌ ملحوظةٌ للأشجار العِملاقة في قمم الجبال والمتفاوتة في الارتفاع حيث يتراوح إرتفاعها ما بين 15- 20 متراً كالذرَح والقاع التي يستخرج منها الصَّمغ. كما لا ننسى النباتات الطبية النادرة ومن أهمها أشجار دم الأخَوين النادرة صغيرة الحجم والموجودة تحديدا في مديرية شَرِس، إضافةَ إلى القَيوان والحَلَصْ، والعُثرُب وعود القَرَح المستخدم في علاج الصَّفراء والفِطريات.
كما تضم حَجَّة في ثناياها العديد من الحيوانات البرية كالغزلان، الأوبار، الأرانب، القنافذ الشوكية، الضِّباع، العِرج، الثعالب والقرود بما فيها الغوريلا. وتتمثل الزواحف في الحيَّات والثعابين، الوَرَل، الحِرباء، الخَماري والبَرَم. ويتركز وجود الطيور البرية في القمم والمرتفعات العالية ومنها النُسور والصُقور كالشَّاهين والعُقاب، إضافةً إلى الهدهد، الحَجَل، الحَمام، الغَرانيق، النَورَس، العُقَب والخفافيش.
ويوجد في محافظة حَجَّة عددٌ من الحيوانات المتوحشة والمفترسة من فصيلة السِّنَوريات منها الوَشَق، وذلك في مديريات بني قَيس، المَحابِشة، أسلَم، خَيران المُحرَّق، كُحْلان الشَّرَف والمفتاح. كما توجد النمور في مديريتي بَكيل المِير والجَميمَة، والفهود في مديريتي مَبيَن وحَجَّة.
كما أن هناك أنواعاً مختلفة من الفراش والجَراد بأنواعه، بالإضافة إلى العصافير الصغيرة المختلفة الأشكال والأسماء، منها ما قد يكون نادراً خصوصاً في الأودية والمناطق الكثيفة الأشجار. كما يوجد بها أنواعٌ من الأسماك الصغيرة والضفادع في البِرَك والعيون المائية الجارية.
وتتميز حَجَّة بشواطئها الجميلة ذات الرمال الذهبية الممتدة على ساحل البحر الأحمر في مديرية ميدي وأرخبيل جُزرها الخلاَّبة ذات الطبيعة العذراء. وتتمثل ثروة حَجَّة البحرية في الأسماك، الأحياء البحرية والشعاب المرجانية الرائعة والناعمة من نوع سينلازيا. وقد جعل منها صفاء مياهها بيئةً مناسبةً للسباحة والغوص للإستمتاع بمشاهدة تلك الأحياء البحرية المتعددة في الأعماق، فهي أقرب ما تكون إلى متحفٍ مائيٍ طبيعي. ويتسنى لزائر هذه الجُزر التمتع أيضاً بمراقبة الطيور البحرية النادرة وأسماك الزينة والسلاحف المهاجرة بالإضافة إلى الإستجمام وصيد الأسماك … وغير ذلك الكثير. ويضم أرخبيل جزر ميدي 21 جزيرةٍ أهمها جُزر الدوَيمَة، بُكلان، ذو حِراب، المُرك، الطوَّاق والعاشق الصغير. أضف إلى ذلك جزر توكالا، غراب، ظهربُكلان، الفِشت البيضاء، المنسَحات ورافع. ومن الجزر الصغيرة أم حمادة، أبوقَهر، دافع، برِّي، رومين وسانا.
ونظراً لما تتمتع به محافظة حَجَّة من سلاسل جبلية شاهقة، فقد أصبحت من أهم المقاصد السياحية لهواة سياحة المغامرات، حيث تعد سلاسل الجبال الشاهقة في مديريات قضاء الشرَفين وكُشَر ووَشْحَة و قفل شَمْر من أفضل المناطق على الإطلاق لهواة رياضة الطيران الشراعي وتسلق الصخور رياضة المشي، بالإضافة إلى منطقة الخُذالي ومَسْوَر حَجَّة، حيث يبلغ ارتفاع بعض قممها 2500 متر فوق مستوى سطح البحر.
وقد أدى تنوع المناخ في محافظة حَجَّة إلى تنشيط السياحة الداخلية وهو ما يمكن تسميته بالسياحة المناخية، حيث يجد الزائر لمحافظة حَجَّة ما لا يجده في أي مكان آخر من طبيعة جميلة وجو عليل. وتنشط السياحة الداخلية خلال فصل الصيف من المناطق التهامية الساحلية إلى المناطق الجبلية للتمتع بجوها اللطيف ومناظرها الخضراء الرائعة الجمال. كما تنشط بالمقابل في فصل الشتاء من المناطق الجبلية إلى المناطق التهامية حيث يكون الجو معتدلاً والطبيعة غايةً في الروعة والجمال.
كما تزخر الطرق المؤدية إلى المناطق التهامية في محافظة حَجَّة بالعديد من ينابيع المياه الكبريتية الحارة، التي تستخدم للإستشفاء من العديد من الأمراض المزمنة كالأمراض الجلدية والروماتيزم، مما جعلها مقصداً هاماً للسياحة العلاجية للعديد من داخل اليمن وخارجه. وقد تم اكتشاف البعض من هذه العيون والينابيع حديثاً مثل عين المياه الحارة في مديرية بني قَيس-الطور، الواقعة على بعد 35 كلم من مدينة حَجَّة. ومن أهم الحمامات العلاجية الطبيعية في المحافظة حمام العين الحارة بمديرية كُعَيْدنَة، بني هَديان بمديرية أسلَم، الجُمَّة وعين الخَرَشة بمديرية بَكيل المِير، قَسْلَة البُهول والعيون الجارية بمديرية حَرَض والمَعاكِفة والحَقلَة بمديرية عَبْس.
وتعتبر محافظة حَجَّة من أهم المقاصد في مجال السياحة التاريخية والأثرية، وذلك لإحتوائها على العديد من المعالم الأثرية التاريخية. وعلى مر العصور، فقد مرت محافظة حَجَّة بالكثير من المنعطفات والتحولات التاريخية الهامة، إبتداءً من عهد ما قبل الإسلام وهو العهد الحِمْيَري مروراً بالخلافة الإسلامية المتعددة وصولاً إلى عهد الحكم العثماني، وإنتهاءاً بعهد الحكم الإمامي الملكي وبعده الجمهوري في العصر الحديث. فهي مقصدٌ هام لهواة التعرف على أنماط الحياة الريفية وجمع الموروث الثقافي الأدبي والإجتماعي. كل ذلك جعل منها حاضرةً أحياناً ومركزاً للحكم أحياناً اخرى. وهذا ما يفسر لنا التنوع المعماري والأثري والثقافي لهذه المحافظة العظيمة.
ولأهالي محافظة حَجَّة العديد من العادات والتقاليد وأنماط الحياة الإجتماعية اليومية، التي تختلف في المناطق الجبلية عنها في تِهامة، حيث تتميز كل منطقة بأزيائها ورقصاتها الشعبية المختلفة عن الأخرى. وتخضع الأزياء الشعبية للعوامل المناخية، فنجد في تهامة أن معظم الرجال يميلون إلى ارتداء الثياب والمَقاطِب والقُمصان ذات اللَّون الأبيض، مع كوافي الخيزران فوق الرأس وذلك لإرتفاع درجة حرارة ورطوبة الجو. أما النساء فيرتدين الملابس ذات الألوان الزاهية كالأصفر والأخضر أو البنفسجي والأزرق. كما يرتدي العمال والمزارعون ذكوراً وإناثاً الظُلَّة المصنوعة من سَعَف النخيل لتقيهم من أشعة الشمس. أما رجال الجبال فيرتدون الثياب البيضاء مع الأكوات الغامقه اللون، حيث يميل معظمهم إلى الأسوَد والألوان القاتمة نظراً لإحتفاظها بدرجة حرارةٍ مناسبة لاسيما في فصل الشتاء. وكذا هو الحال في إختيار الألوان بالنسبة للنساء أيضاً. ونجد أن التَزيُن بلبس الجنابي والبنادق صفةً مشتركةً بين جميع سكان المحافظة ولكن بنسبة أكبر لدى سكان المناطق الجبلية.
أما الرقصات الشعبية في محافظة حَجَّة فهي موحدةٌ تقريباً لدى سكان المناطق الجبلية، وتتمثل في رقصة البَرَع التي تُعد من الرقصات الشعبية القتالية أو الحربية. بينما نجد تنوعاً مميزاً في الرقصات الشعبية في المناطق التهامية والسهول الساحلية، وعلى سبيل المثال رقصة ” الشَرْجي” والمتمثلة في تشبيك عشرة من الراقصين لأيديهم مع بعضهم البعض مؤدين رقصاً بطيئاً سرعان ما يزداد صَخباً وسرعةً على وقع الطبول أو ما تسمى بالصَحفة أو المَرفَع ولا سيما في مديريات حَرَض، بني قَيس وكُعَيْدنَة. كما يوجد أيضاً رقصة الزَّحفة ورقصة المَعشا التي تؤدى ليلاً على قرع الطبول في مديريتي حَرَض ومِيدي، حيث يقوم بأدائها ما يقارب من 30 راقصاً متحلقين بشكلٍ شبه دائري. وهناك أيضاً رقصة ” السَّيف” المقاربة لرقصة البَرَع ويؤديها راقصين أو أربعة أو أكثر بشكل متقابل. وأخيراً رقصتي الحَقفَة والفَرَساني، وتنتشران في منطقة تِهامة غرب اليمن وخاصةُ المناطق قرب الحدود مع المملكة العربية السعودية، حيث تعتبر هاتين الرقصتين من الرقصات الشعبية المشتركة بين البلدين.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
نص التعليق