السبت, 20-ابريل 2024- الساعة 02:09 ص - آخر تحديث: 09:47 م (18:47) بتوقيت غرينيتش

محمد سالم بارمادة

مأرب ترفض الجاهلية الأولى

محمد سالم بارمادة

سيبقى اليمن بعمقه العربي

محمد سالم بارمادة

أتعرفون ماذا تعني المواطنة ؟

ياسين سعيد نعمان

وطن النجوم.. وجورج قرداحي
مناطق تاريخية (حصن التعكر..مصير مجهول ل6 آلاف سنة من تاريخه)

يقع حصن جبل التعكر إلى الجنوب من مدينة إب وتمتد في قاعدته مدينة جبلة أو ذي جبلة التي ارتبط اسمها باسم الملكة أروى بنت أحمد الصليحي التي حكمت اليمن وجعلت منها العاصمة السياسية للبلاد وأسست فيها جامعها الشهير جنباً إلى جنب قصرها المشيد قصر العز والذي يتكون بحسب الروايات التاريخية من 360غرفة أي بعدد أيام السنة..

أما جبل التعكر فقد ارتبط إسمه بحصن التعكر الذي وصفه ياقوت الحموي في مخطوطه معجم البلدان بقوله«إنه قلعه حصينة عظيمة مكينه باليمن من مخلاف جعفر مطلة على جبلة ليس في اليمن قلعة أحصن منها..ويوضح الحموي أن لفظ التعكر يكون بضم الكاف والراء «تعكُرُ»بينما يلفظه أهل اليمن الآن بفتح التاء وتسكين العين وفتح الكاف وتسكين الراء.
قِدَمْ التعكر وعراقته
تجمع المصادر التاريخية المعتبرة إلى عراقة وأصالة حصن التعكر الضاربة في جذور التاريخ والذي عده الهمداني المتوفى سنة 334ه في مخطوطه «صفة جزيرة العرب» من شوامخ الجبال التي في رؤوسها المساجد الشريفة ومواضع المساجد ويقول عمر بن علي بن سمره الجعدي في طبقاته عن فقهاء اليمن الذي ألفه سنة 586 ه «أخبرني بهذا السلطان وائل بن علي بن أسعد بن وائل الكلاعي الحميري عن الشيخ العفيف إلى حسان بن أبي الخير بن خليفة الزاهد مسكنه جمان من يحصب الأسفل أن جبل جناد من التعكر إلى ريمه مكان اسمها عرفه وأساس التعكر منذ 3آلاف سنة وخمسمائة.
فيما يذهب وجيه الدين الحبيشي الوصابي المتوفى سنة 782 ه في مؤلفه «تاريخ وصاب الاعتبار في التواريخ والآثار» إلى أبعد من ذلك إذ يقول «أعلم أن للتعكر من يوم أن أحدث نحو ستة آلاف سنة..وقد ذكره الأمير محمد بن ابان الخنفري الحميري في فجر الإسلام حيث قال في قصيدته التي ذكرها الهمداني:
وفوق التعكرين لنا قصور
تشاييد الشمارخة الطوال
والمقصود هنا بالتعكرين أي تعكر إب الذي نحن بصدده الآن وتعكر آخر في عدن حيث ذكر الحموي إنه توجد قلعة أخرى في اليمن يقال لها تعكر وينقل المقحفي عن المؤرخ اليمني محمد بن علي الأكوع الحوالي قوله:«إن التعكر أشهر جبال اليمن وأبعدها صيتاً وأمنعها حصانه وأعلاها شموخاً وهو خزانة الملوك وحافظ مهجها من غارات المغيرين وعاديات الأيام.
شحة المصادر
وعن جبل التعكر يقول الدكتور محمد مظفر الأدهمي استاذ التاريخ بقسم التاريخ بجامعة إب إن هذا الجبل الذي يرتفع حوالي 3000 متراً فوق سطح البحر عد حصنه من المعاقل المنيعة في منطقة إب خاصة واليمن عامة إلا أنه لاتتوافر معلومات عند مدة بنائه رغم أن المصادر تشير إلى عراقته وأصالته وقد جاءتنا أول الإشارات عن أحداث وقعت فيه في التاريخ الإسلامي عندما سيطر محمد بن زياد على اليمن حينما أرسله الخليفة العباسي المأمون لقمع التمرد فيها على الخلافه فأسس دولة بني زياد للمدة 205 403 ه وأصبح مخلاف جعفر تحت سيطرتهم وأصبح آل الكرندي نواباً عن آل زياد في التعكر ومناطق أخرى وبنور الكرندي هم حميريون ويقال إن نسبهم يرجع إلى أبيض بن جمال الذي أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم جبل الملح
ولا بأس أن نشير هنا إلى المكانة الخاصة التي كان يحظى بها هذا الحصن في نفس الملكة أروى بنت أحمد الصليحي فقد كان معيناً لها إضافة إلى أنها انفردت بحكم اليمن وإدارة شئونه بعد أن أصيب زوجها بالفالج ونصحه الأطباء بالاحتجاب عن عيون الناس فتم نقله إلى الحصن حتى وافته المنية.. كما أن الملكة المبجلة تقوم بتعيين الرجال الثقات كقواد لهذا الجبل لموقعه وطبيعته الاستراتيجية.
بحاجة ماسة إلى دراسة
وعلى الرغم من عمر الحصن الطويل الموغل في القدم وما تلاحقت عليه من أحداث تاريخية جسام إلا أن المعلومات والمصادر التاريخية قليلة جداً وهو ما يحتم على الجهات المختصة في بلادنا تخصيص لجنة أو فريق فني للتنقيب والحفر في جوانب هذا الحصن لمعرفة خفاياه وأسراره التي طمرت بما فيها تلك الأحداث والوقائع المتأخرة والتي قد تكون قريبة العهد بحاضرنا.
حصن التعكر.. بقايا وآلام
دعونا نستمع إلى الدكتور محمد مظفر الأدهمي عن وضع الحصن وآثاره في الوقت الراهن فربما تمتلك هذه الإفادة الحافز لدفع المسئولين إيلاء هذا الشاخص العريق حقه من الاهتمام والعناية حيث يقول:
وحين توشك أن تصل إلى أعلى القمة حيث الحصن تنتابك الفرحة لأنك بعد جهد جهيد ستدخل صرحاً تاريخياً عريق يحكياً جانباً من تاريخ اليمن المشرق ولكنك تصاب بالخيبة والحزن حين تفاجئك أحجار متناثرة هنا وهناك لا يمكن أن تقنعك بوجود حصن لولا بقايا البرك والمدافن.
ويستطرد الدكتور الأدهمي متسائلاً:
أين الحصن الذي تفاخرت به الملوك والسلاطين والولاة وتغنى به الشعراء لم يعد هناك حصن فقد تساوى مع الأرض أين كانت الملكة السيدة الحرة أروى تقضي صيفها الجميل أين كان والي الحصن يسكن؟ وأين أقام الملك المكرم بعد أن ترك العرش لزوجته أروى وصعد إلى حصن التعكر أين الحمامات وغرف الخدم والحاشية كلها زالت لم يبق غير الأطلال تحكي قصة الزمن الغابر بأمجاده وأبطاله بأفراحه وأتراحه بانتصاراته وهزائمه لم يبق سوى أحجار بقايا السور وأحجار جدران الغرف تعزف لحناً حزيناً وهي تلامس نسمات الهواء العليل الذي لم أتنفس مثله من قبل.
البرك والمدافن
في بقايا الحصن أو بالأصح في أرض وبقايا احجاره توجد ثلاث برك مائية أكبرها تلك التي تقع في الجهة الغربية وفيها بقايا مياه أمطار ومازال «القضاض» موجوداً في بعض جوانب البرك الذي تطلى به من الداخل لمنع تسرب المياه أما البركة التي تقع في الوسط فلها ميزة تختلف عن البركتين الأخرتن وإن كانت أصغر فقد بنيت في إحدى جوانبها عتبات تتدرج من الأعلى وتحت كل عتبة «مسطبه» حوض صغير فعندما تسقط الأمطار فإنها ستتدرج على هذه العتبات لتستقر في حوض العتبة الثانية وحوضها وهكذا بحيث تصل المياه إلى البركة نقية من الشوائب والطين بمعنى أن عملية تصفية مياه الأمطار كانت تتم بطريقة هندسية طبيعية وتسمى هذه المساطب «المناقص» وهو لفظ مأخوذ من عملها المتمثل في تنقيص الأطيان والشوائب وإزالتها من المياه كما أن هناك بركة ثالثة تقع في الجهة الشرقية من الحصن ومازالت جدرانها مغطاة بالقضاض.
المدافن
أما المدافن الموجودة في أعالي الحصن فعددها سبعة منها ثلاثة متقاربة وعميقة جداً لدرجة أن أحدها يطلق عليه السكان المحليون اسم «مدفن جهنم» لعمقه ويمكن للناظر أن يرى من فتحة المدافن الدائرية سعة المدفن من المداخل تحت الأرض ويبدو أن هذه المدافن الثلاثة العميقة والواسعة جداً كانت غرفاً تحت الأرض تحفظ فيها مخزونات الصليحين من ذخائرهم وربما خصصت بقية المدافن الأربعة للحبوب والطعام وغيره ولم تقتصر البرك والمدافن على الحصن وقمته وإنما توجد أخرى في قاعدة قمة الحسن أي عن السور الأسفل وبإمكانك عند الوقوف في أعلى قمة الحصن من جهة الغرب مشاهدة بركة وثلاث مدافن في الأسفل منها اثنان من المدافن غير سليمة ومخربة وربما كانت البركة مخصصة للحراس أو من الذين معهم لحماية السور الأسفل.
حصن التعكر ولعنة الكاهن
هذا هو حصن التعكر الذي لم يتبق منه شيء ظاهر على سطح الأرض لكي نعرف هندسته وبناءه.. فهل صدق ما قاله عنه أبومحمد الحسن الهمداني في مخطوطه الإكليل نقلاً عن رواة معتمدين كعب الأحبار وهو تابعي جليل حيث قال «إنه أدرك من عشيرته من لقي «سطيحاً» وهو كاهن ذو صيت الذي ذكر بأن في اليمن بقاعاً منها أربع مقدسه وأربعة مشؤومة أو محرومة وثمانية كنوز والبقاع المشؤومة أو المحرومة هي في «الجبل الأشهب» وهو من أشهر جبال اليمن الذي سيظهر فيه الخراب وتعوي فيه الذئاب..والجبل الأشهب هذا عند الهمداني نقلاًعن أحد مشايخه اللبخي هو التعكر..
فهل أصابت لعنة الكاهن الحصن وقضت على تاريخه...؟!

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
نص التعليق